الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

مــــحـــطـــات من تــاريــــخ الــفــــلــــســـفــــة




محطات تطور تاريخ الفلسفة:



  بداية يمكن القول بأن تاريخ الفلسفة ينقسم إلى أربع محطات كبرى، لكل مرحلة منها

ارهاصاتها الخاصة، واهتماماتها التي تأترت فيها بالعوامل الاجتماعية التي كان يحياها عصرها.

   أولا: مرحلة اليونان القديمة:

إن  كل محاولة للإمساك بالدلالة الإصطلاحية لمفهوم الفلسفة تقحمنا في صلب الممارسات 

الفلسفية، خاصة حينما نعلم انه يصعب القول في هدا المجال، بوجود تعريف موحد 

وشامل للفلسفة، تنصهر فيه كل التعاريف المتنوعة التي عرفها تاريخ الفلسفة، فإدا 

حاولنا القيام يتتبع تاريخي لهده التعاريف، سنجد أنفسنا وجها لوجه أمام فكر فيلسوف 

بخصوصياته الثقافية والتاريخية، بنمط خاص من التفكير والتعبير والممارسة الفلسفية، 

فتعرف الفلسفة في كونها محبة الحكمة لداتها بعيدا عن كل منفعة مادية ، وهو 

تعريف له مبرراته الثقافية اليونانية، حيث كان ينظر باحتقار إلى كل عمل يروم تحقيق 

منفعة مادية، بل وإلى كل ما له علاقة بالتجربة المادية، والاهتمام بالفلسفة كمحبة 

للحكمة عمل راق، من اختصاص طبقة الأسياد. أما العمل اليدوي فهو من اختصاص 

طبقةالعبيد، الدي يهدف عملها إلى تحقيق وتلبية متطلبات الحياة المادية، فلا عجب 

وجدنا جل الفلاسفة اليونان، يدهبون منحى فيتاغورس في احتقارهم للعمل اليدوي، 

واهتمامهم بكل معرفة نظرية مجردة، وعلى رأسها الفلسفة، فالفلسفة عند اليونان 

كانت على العموم تعني " البحث عن الحقيقة والتماسها لداتها، بعيدا عن كل منفعة 

مادية: مادية كانت او معنوية، وفي هدا الصدد يؤخد عن فيتاغورس القولة التالية

إن حياة الناس تبقى أشبه ما يكون بهده التجمعات الكبيرة التي يلتئم شملها بمناسبة 

الألعاب العمومية في اليونان، حيث يحضرها آخرون للحصول على أكاليل المجد، في 

حين ان طائفة منهم تحضر هده التجمعات لمجرد المشاهدة، وهكدا فالناس الدين جاؤا 

إلى هدا العالم، يبحث بعضهم عن المجد، ويبحث فريق آخر منهم عن المنافع المادية، 

في حين أن طائفة قليلة منهم ، تنصرف إلى التأمل وإلى دراسة طبيعة الأشياء: وهؤلاء 

هم الفلاسفةالفلسفة بهدا المعنى هي النظر التأملي  إلى العالم، والحكمة هي معرفة 

الحقيقة، والفيلسوف هو من يفكر ويتأمل بعمق، قصد اكتشاف الحقيقة والإهتداء إليها. 

وعلى العموم فإن المبحث الأساسي الدي كان يشغل بال الفلاسفة اليونان هو التساءل 

عن حقيقة أو مصدر الوجود.


ثانيا: مرحلة العصور الوسطى:


اكتست الفلسفة في هدا العصر طابعا دينيا، سواء في أوروبا أو في العالم العربي 

الإسلامي، ودلك لما للدين المسيحي منه أو الإسلامي من تأتير كبير على نفوس الناس 

في هده الفترة التاريخية، ولقد لخص لنا الفيلسوف العربي المسلم ابن باجة في كتابه 

 الفصل في الملل والنحل" دلالة الفلسفة كما تداولها المسلمون ، حيث قال " الفلسفة 

على حقيقتها إنما معناها وثمرتها ، والغرض المقصود منها ، ليس شيئا غير 

إصلاح النفس ، بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤدية  إلى 

سلامتها في المعاد، وحسن سياستها للمنزل والرعية، وهدا نفسه لا غيره ، هو 

الغرض من الشريعة، هدا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء بالفلسفة، ولا 

بين أكحد من العلماء بالشريعة" وهدا يعني في ثقافتنا الإسلامية أنه لا خلاف بين 

الفلسفة والدين، وهدا ما حاول فيلسوف قرطبة أبو الوليد ابن رشد أن ينوه إليه 

بوضوح في مؤلف له بعنوان" فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من 

اتصال" فقد تقدم في الفلسفة بتعريف له " إن الفلسفة ليست شيئا أكثر من النظر 

في الموجودات، واعتبارها من جهة دلالاتها على الصانع.... ومن هنا فإدا 

أثبثنا بأن الشرع حث على النظر في الموجودات النظر إليها بالعقل، أمكننا 

أن نستنتج من دلك أن النظر الفلسفي مأمور به في الشرع..." وقد ساق ابن 

رشد مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة لإثبات دلك، من بينها قوله تعالى" فاعتبروا 

يا أولي الأبصار " وهي إشارة واضحة إلى وجوب استعمال التأمل العقلي.

لنجمل القول ونختمه على أن انشغال الفلاسفة في العصر الوسيط كان ينصب على 

إشكالية التوفيق بين العقل والفلسفة ، بمعنى إمكانية اشتراكهما في الهدف الديني 

نفسه - وهو تأكيد ما جاءت به لا الديانة الاسلامية أو المسيحية على السواء- أم أنها- 

الفلسفة- إلحاد وخروج عن الملة والدين. من هنا كان الطابع الديني هو المهيمن على 

الاهتمام الفلسفي في العصور الوسطى ، ليس فقط في المجتمع العربي الاسلامي فقط، بل 

وفي المجمتع المسيحي الغربي أيضا. 


ثالثا: مرحلة العصور الحديثة:

  لقد عرف مفهوم الفلسفة تطورا كبيرا في العصور الحديثة، بحكم التغير الدي عرفته 

المعطيات التاريخية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، والدي منح عصر 

أوروبيا نهضويا حديثا (ق 15 و16 م.) بلور معه تجربة فلسفية جديدة، عملت على 

إعادة تأسيس العقل البشريمع الفيلسوف الفرنسي ديكارت بشكه النهجي وبتأملاته 

عن الكوجيتو" أنا أفكر إدن أنا موجود" وبقواعده المنهجية، ونفس الشئ نجده لدى 

الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون الدي اتجه إلى البحث عن منهج جديد للبحث 

عن المعرفي والحقيقة، منهج يناسب انطلاقة العلوم الحديثة كالفزياء مع العالم الإيطالي 

غاليلي  ، وعلم الفلك مع العالم البولوني كوبرنيك، فأصبحت الفلسفة في 

عصر النهضة أداة لخدمة الإنسان، ومعرفة مفيدة في الحياة تجعلنا قادرين على تملك 

الطبيعة وتسخيرها لخدمة البشرية.لتكون مرحلة العصر الحديث، مرحلة مهمة في إغناء 

سجل الفكر الفلسفي. فإدا كان الفلاسفة اليونانيون في المحطة اليونانية قد اهتموا 

وتساءلوا عن مصدر هدا الوجود، أي هل هو من صنع خالق، أم أنه نتيجة تطورية لتغير 

مادة معينة( كالماء عند طاليس)،وإدا كانت المحطة الوسطى تسعى إلى التوفيق بين 

الفلسفة والدين،باعتبار ان الفلسفة تتم الدين ولا تعارضه، فإن محطة الفكر الحديث أو 

ما يسمى بعصر النهضة، شهدت تطورا كبيرا على مستوى العلوم الطبيعية، فأخرجت 

الناس بدلك من سلطة السحر واللاهوت، وجعلت منهم أكثر موضوعية، وأكثر سعيا 

للبحث عن الحقيقة أين تكمن. إلا أن الفلاسفة هنا وككل مرة اختلفوا وتوزعوا بين 

مؤيد ومعارض للمصدر أو الطريقة والوسيلة التي تصلنا من خلالها المعرفة الحقيقية، 

فنجد في هدا الباب أب الفلسفة الحديثة ديكارت الدي يؤكد بأن  الحقيقة مصدرها 

العقل، وان أي معرفة لا تنبني على العقل ا يمكن الإيمان بأنها معرفة حقيقية مطلقة، 

وفي المقابل نجد تصور النزعة التجريبية مع روادها جون لوك ودافيد هيوم، التي 

تؤكد بأن اي حقيقة أو معرفة لا تستند إلى التجربية فهي معرفة وهمية خيالية 

أسطورية لا يمكن للعقل المنفتح والمتفتح أن يسلم بصدقها. وأما م هدين التصورين 

ظهر تصور ثالث، وهو تصور رائد النزعة النقدية إيمانويل كانط الدي أكد أن 

المعرفة أساسها العقل والحواس التجريبية، وأن قيامها على واحدة منهما فقط يدل على 

أنها عرجاء أو عمياء.


المرحلة المعاصرة :

مع مطلع القرن العشرين، ومع تأثير التطور العلمي والنتائج التي أحرزها بفضل تركيزه 

على الناحية العلمية، وتجنب الخوض في المسائل التي لا طائل منها، وبفعل الحروب 

والتورات والأزمات التي كانت لها أبعاد عالمية شمولية في تأثيرها، اتجه الفلاسفة 

المعاصرون غلى إعطاء الفلسفة مهمة ومعنى جديدا ينأى بها عن دلك المعنى الدي 

عرفت به في اليونان  القديمة  محبة الحكمةلتصبح دات دلالة مادية نفعية مع الفلاسفة 

البرغماتيين ، مرتبطة بالوجود الإنساني الواقعي المشخص، مع الفلاسفة الوجوديين 

أمثال وليم جيمس الدي يرى بأن الفلسفة هي البحث في الطرق التي تؤدي بنا إلى 

النجاح في الحياة، وإلى تحقيق أغراضنا في دنيا الواقع أي تحقيق المنفعة، فالفكرة 

لدى فلاسفة القرن العشرين مهما كانت طبيعتها ، فهي لا تكتسي طابع الصحة أو 

الصدق إلا حققت منفعة مادية، والفلسفة الصحيحة هي التي تسير في هدا الاتجاه،ولازال 

في الجعبة الكثير.

للمزيد من المعلومات حول هدا الموضوع أو غيره يرجى الاتصال بفريق العمل والدعم.















هناك 6 تعليقات: