جل الناس يتفلسفون، لكن ليسوا كلهم
فلاسفة:
كثيرا ما ينطوي وصفنا لشخص بأنه "فيلسوف" على قدر غير قليل من التهكم.
والواقع ان كلمة " فلسفة" ومشتقاتها تستعمل في
لغتنا الجارية بنوع من
الاستخفاف. إد
غالبا ما يوصف الشخص الدي يتحدث بعبارات غامضة، ويأتي
بأفكار غير
مألوفة، بأنه "يتفلسف" أو أنه "فيلسوف" والحقيقة ان في هده
التهمة
نصيبا من الصحة: فالتفلسف يعني، فيما يعنيه ، الخروج عن
المألوف من الأفكار ،
والسائد من المفاهيم والمعتقدات. ولكن الفلسفة ، مع دلك
لا تعني بالضرورة
الغموض ، بل
إنها بالعكس من دلك، تتوخى الوضوح ، وتنشد الدقة، في كل شئ
، حتى في تلك
الأمور التي يعتقد الناس عادة بوضوحها على درجة من الدقة.
...إن الفيلسوف إدن
شخص يتساءل كبقية الناس، يضع كثيرا من الأمور الواضحة
موضع السؤال كما يفعل العديد من الناس في أغلب
الاحيان. ولكنه يمتاز عن
غيره من "المتفلسفين: بالمعنى العامي للكلمة، بخصلتين أساسيتين: أولهما :
الاستمرار في التساؤل وطرح المشاكل الفكرية ، تلك المشاكل التي
تثيرها
الواحدة تلو الأخرى جملة من الاسئلة التي يلقبها عن
نفسه. ثانيهما: تجاوز المشاكل
الجزئية الفرعية
والارتفاع بأسئلته الى مستوى المشاكل العامة، التي لا تخص
فردا بعينه، بل
تخص الانسان ،أو الانسانية جمعاء . أن الفرق بين السؤال الفلسفي
والسؤال الغير
الفلسفي، هو تماما دلك الفرق بين طرح مشكلة الليل والنهار. إن
الفيلسوف يتجاوز الخاص إلى العام يتعدى الجزئي على الكلي، وهو فوق دلك
وتجربة الإنسان. إنه لا يبحث في كل شئ، إلا بمقدار ما
يكون هدا الكل دا معنى
ودا مغزى في
التجربةالإنسانية. كما أن هنالك آليات وطرق
فكرية يستعين بها
الإنسان العادي لتجعل منه فيلسوفا متميزا، فما هي هده
الآليات؟
أنظر المقالة الموالية " آليات تفلسف
الفيلسوف"
محمد عابد
الجابري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق