النقد- الدهشة- التساؤل المستمر- النظرة
الشمولية- المحاجة:
الــنــقــد:
توصف الفلسفة بأنها
تفكير نقدي، فا هي الدلالة التي
يتخدها مفهوم النقد في مجال الفلسفة؟
يتخدها مفهوم النقد في مجال الفلسفة؟
النقد في الفلسفة ، لا يخرج في معناه العام في التداول اللغوي، فنقد الشئ في " لسان
العرب" لإبن منظور يعني كشف ما به من زيف، وهو المعنى نفسه الدي نجده في
القاموس اللغوي المعتمد"، حيث يقال نقد الكلام، أي أظهر ما فيه من العيب، ويزيد "
المعتمد" توضيحا لمعنى النقد، فهو لا يقف عندإضهار الزيف او العيب أو الخطأ في
الشئ ، وإنما أيضا إظهار الجانب الإيجابي فيه، فيقال مثلا : نقد الكاتب كلام
صاحبه: أي أظهر مواضع الخطأ فيه ومواضع الصواب، ويقال أيضا نقد الصراف
الدراهم،
أي نظر فيها وميز جيدها من رديئها.
معنى هدا ان ممارسة النقد في الفلسفة ، تستدعي منا اولا: الدخول في عمق أي إنتاج
فكري بشري،بدل النظر إليه منالخارج. ثانيا:التركيز على الجوانب الإيجابية في هدا
الانتاج وثثمينها.أما الجوانب السلبية فيتم الكشف عنها عندالضرورة ، مما يمنح النقد
الفلسفي طابعا إيجابيا ، ويصنفه ضمن النقد البناء الهادف للوصول إلى الحقيقة، وإدا
كانالشك عنصرا أساسيا في النقد ، أي الشك في البداهات اليومية والأجوبة الجاهزة،
والمعارف التي تقدم نفسها تامة مكتملة ونهائية ، فإنه لا يشكل في واقع الأمر ، إلا
خطوة أولية للوصول إلى حقيقة الأشياء ، لهدا سمي بالشكالمنهجي، وهو ما طبع التفكير
الفلسفي، مند ميلاده مع اليونان إلى الآن، وقد اتخده الفلاسفة رغم اختلاف مشاربهم
الفكرية، كأسلوب لتطهير العقل من الأحكام المسبقة، وسلطان العادة ورتابة الغريزة
وبلادة التقليد في التعامل مع الأشياء، ولنا في مؤلفات الفيلسوف الفرنسي رينيه
ديكارت، نمودج حي لهدا الأسلوب الفلسفي المتميز الدي مارسه على تقافة عصره،
التي هيمن عليها الفكر الكنسي الإقطاعي.
التساؤل المستمر:
يعتبر التساؤل إلى جانب النقد، من
الخصائص المميزة للتفكير الفلسفي، وهو الدي
يمنح هدا التفكير طابعا إشكاليا ،ويميز سؤاله عن باقي الأسئلة العادية والعلمية أيضا ،
فالسؤال العادي نطرحه حينما نريد ان معرفة شئ نجهله فعندما نقول مثلا أين المحطة؟
هو سؤال غادي نود من خلاله التعرف على مكان نجهله وهو المحطة، وينتهي هدا
السؤال بجواب قطعي نهائي: إنها هناك. لكن السؤال الفلسفي تساؤل، والتساؤل يأتي
بعد وجود معرفة بشرية ما تدعي الإكتمال، فيبدأ الفيلسوف بفحصها والشك في
صدقها، معتمدا في دلك على سلسلة من الأسئلة المتدرجة في العمق ، إلا
أن يقترب من حقيقة تلك المعرفة ، أي ما بها من صدق وزيف ، من هنا كان السؤال
الفلسفي سؤالا جدريا، بمعنى سؤالا عميقا لا يهتم بضاهر الأشياء ولا يقف عند حدود
السطح. بل يقصد اللبنات الأولى لكل بناء وأصل الأشياء ومبادئها ومن تم فالسؤال
الفلسفي هو كفيل بتحرير الإنسان من " الموقف السادج " الدي يستغرق في الأشياء أو
يندمج فيها.
فالسؤال الفلسفي كتساؤل يختلف إدن جدريا عن السؤال العادي ، فهو يرتبط عضويا
بالمعرفة ويسعى إليها ، معنى دلكأنه يتوجه إلى الإنسان العارف ا والدي يدعي
المعرفة ، ولنا في الحوار الأفلاطوني مثالا على دلك فسقراط إضافة إلى قدرته على
قدرته على التمييز الأسئلة، كان يهدف إلى تحطيم البداهات حولالمواضيع المتداولة
والتي يتناقها الناس على أنها صحيحة.
ويختلف السؤال الفلسفي عن السؤال العادي لكونه ليس مجرد سؤال بل سلسلة من
الأسئلة، والأسئلة في الفلسفة كما صرح بدلك الفيلسوف كارل ياسبرز أهم من الأجوبة ،
وكل جواب يصبح بدوره سؤالاجديدا.
النظرة الشمولية
:
إن ما يطبع التجربة الفلسفية رغم
كونها طابع شخصي ، هي تلك النظرة الشمولية
إلى
الأشياء في كليتها وشموليتها ، وليست كظواهر جزئية ووقائع خاصة، كما هو الشأن في
الميدان العلمي ، حيث نجد العالم يهتم بظواهر جزئية لها ارتباط بتخصصه ، فحين
نسأل العالم الفزيائي مثلا : ما الإنسان؟
فإنه يجيب بإنه مركب كيميائي ،يتفاعل مع عناصر فيزيائية تأتي من الوسط الدي
يعيش فيه ، كالضوء والحرارة ...وهو بهدا التعريف يلغي جوانب متعددة تساهم بشكل
في إعطاء معنى لمفهوم الانسان ،أما الفيلسوف فإن تعريفه للإنسان يتخد أبعادا
متعددة تشمل كل الجوانب المشكلة لحقيقة الإنسان: نفسية واجتماعية وأخلاقية وسياسية
وبيولوجية...
حقا إن الفلسفة لا تخلو من وصف او تحليل، ولكن ما يميز الفيلسوف عن العالم، هو
اهتمامه بتكوين نظرة متجانسة وموحدة عن شتى جوانب الكون ، ولعل هدا ما عناه
الفيلسوف الإنجليزي هاربرت سبنسر حينما قال " إن أدنى درجات المعرفة ، إنما هي
المعرفة الغير الموحدة، وإدا كان العلم معرفة موحدة جزئيا ، فإن الفلسفة هي المعرفة
الموحدة كليا"
البرهنة الحجاجية:
إدا كان الجواب الفلسفي يتمضهر على
شكل خطاب ، فإن هدا الخطاب لا يمكن أن
يكون مقنعا بمضامينه المعرفية والمنهجية ، إلا إدا كان مدعما ببراهين ، وإدا كان
مفهوم البرهان يحيل على حقل معرفي معين ، ألا وهو والدي يعني بدلك الاسندلال
العقلي الدي نستنبط من خلاله صحة وصدق قضية رياضية ما ، انطلاقا من مقدمات أو
قضايا رياضية صادقة صدقا منطقيا، فإن البرهنة في مجال الفلسفة تكتسي طابعا خاصا،
دلك أنه يوجد اختلاف بينالفلسفة والعلم، فالفلسفة لا تقيم قضايا يحكم عليها بالصدق
والخطأ، في استقلال عن سياقاتها بل تقيم أطروحات غير مصاغة صوريا كقضايا
الرياضيات والمنطق، ولا يمكن فهمها خارج الوضعية الفلسفية التي ولدتها ، لدا تكون
المحاجة هي الشكل الملائم للبرهنة الفلسفية، فلا يؤسس الحجاج حقائق ما كما يتم داخل
العلم، بل يحاول أن يؤسس لدى المتلقي اعتقادا أو قناعة بمجموعة حقائق، لدلك يبقى
الحجاج مشدودوا الى المتلقي الدي يتوجه إليه، والفيلسوف لا
يستطيع ان يقنع أ احدا ، إلا إدا انطلق من معتقدات الاخر/المتلقي وعواطفه، وفي
عمليته هده يستعمل كل الاساليبالمنطقية البرهانية منها والبلاغية، من امثلة واستعارة
وكناية ومجاز واستشهاد... إن الهدف الأساسي من الحجاج تحقيق إجماع بين العقول أو
مضاعفة هدا الإجماع حول أطروحات ومواقف معينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق