الجمعة، 25 أكتوبر 2013





ما طبيعة وجود الغير 

يحيل الغير من حيث دلالته على كونه موضوع ماثل أمامي، لكنه أساسا دات واعية
لها وجودها المستقل في نفس الوقت، فما طبيعة وجود الغير؟ هل هو مجرد موضوع ، أم أنه ذات فقط، أم هو ذات وموضوع في نفس الوقت؟ وإلى أي حد يصح القول بأن الغير ليس بذات ولا موضوع بل هو تعبير عن عالم ممكن؟ 

           


       لاشولييه                                                                                           سارتر 

    الغبر موضوع                                                                                  الغير ذات فقط


نجد لدى النزعة الموضوعية، كما هي                                               الغير، حسب سارتر، ليس مجرد موضوع 
ماثلة في العلوم الإنسانية وفي امتدادتها                                             أو شئ من الأشياء، بل هو ذات وأنا آخر، ولا يوجد إلا 
الفلسفية عند لاشولييه، مثلا؛ تصورا                                               بهذه الصفة، إنه الأنا الذي ليس أنا، إن الغير نظام من 
تشيئيا للغير يجعله مجرد موضوع                                                  التمثلات بعيد عن المتناول بوصفه موضوعا. إنه مشاعر
للتجربة. إن الغير كما هو الشأن                                                     وأفكار وإرادات وطابع .يقول سارتر الغير ليس فقط من 
بالنسبة للشخص جزء من العالم، وهو                                              أشاهد، بل هو من يشاهدني.
دلك الموضوع الدي يتحدث عنه عالم
 البيولوجيا، وتلك السلسلة من العمليات التي 
تحللها كتب البيولوجيا، وتلك السلسلة من 
العمليات التي تحللها كتب الفيزيولوجيا، 
ودلك الزكام من الأعضاء الذي تصفه
 لوحات علم التشريح .


المحور الثاني: معرفة الغير


I- معرفة الغير.
إذا كانت المعرفة هي تلك الفعالية الفكرية التي يدرك من خلالها الفكر موضوعا ما، أي كل ما يتجه إليه النشاط الفكري للذات العارفة، سواء كان فكرة أو شيئا من أشياء العالم الخارجي، مجردا أو ملموسا... فإن موضوع المعرفة يتقابل مع الذات لأن الموضوع شيئا ماديا ملموسا. في حين أن الذات تعني ذاك الأنا الذي يتميز بالوعي، و يتمتع بالإرادة و المسؤولية الأخلاقية و القانونية، و كذلك القصدية و التلقائية. و هذا ما يغيب في الموضوع بوصفه شيئا ماديا.
إشكال المحور: فهل الغير قابل للمعرفة بهذا المعنى؟ ألا يمكن للغير أن يتبدى لمعرفتي كذات؟ هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة؟ هل معرفة الغير تقوم على التشابه و المماثلة أم على الاختلاف و التباين؟
1)أطروحة جون بول سارتر.
يذهب سارتر إلى القول باستحالة معرفة الغير. مادام هناك انفصال أو هوة، و مسافة عدم بين الأنا و الغير لا يمكن تجاوزها. و المقصود بذلك أنه لا يمكن النفاذ إلى حقيقة الآخر إلا عندما نعتبره موضوعا. و إخضاع الغير للمعرفة أو لنشاط "الأنا أفكر" يترتب عنه سلب الغير مقومات الأنا. و بالتالي تشييء ذات الغير وسلبه وعية و حريته، و قتل تلقائيته و عفويته (مثال النظرة). فحضور الغير نفي و استلاب للذات. و معرفة الأنا للآخر تظل معرفة خارجية، سطحية و ذاتية، لا تتناسب مع موضوعها أي مع الغير باعتباره أنا آخر. و هذا يِؤدي بنا إلى استنتاج مفاذه أن معرفة الغير غير ممكنة. 
2)أطروحة غاستون بيرجي.
يعتبر غاستون بيرجي أن معرفة الغير مستحيلة. لأن تجربة الأنا الذاتية معزولة في العالم و غير قابلة للإدراك من طرف الغير. فبين الأنا و الغير جدار سميك، رغم علاقات التعاطفو المشاركة. و لايمكن لأي منهما تجاوزه، باعتبار العالم الداخلي لكل واحد منهما مغلق. و في هذا نجده يقول:"هكذا هو الإنسان، سجين في آلامه، و منعزل في لذاته، و وحيد في موته، محكوم عليه بأن لا يشبع أبدا رغبته في التواصل، و التي لن يتخلى عنها أبدا" 
3)أطروحة نيكولا ماليبرنش.
يؤكد ماليبرانش على صعوبة معرفة الغير. و ذلك لأن معرفة الأنا لذاته معرفة حدسية مباشرة و يقينية. في حين معرفة الغير تتم عن طريق الاستدلال بالمماثلة. أي مماثلة الغير بالذات و الحكم عليه من خلال تجربة الذات. و هي معرفة غير يقينية لا تتعدى حدود التخمين و الظن، و إطلاق فرضيات. لأن أفكار الناس و عواطفهم مختلفة. و بذلك ماليبرانش قد جعل من الذات هيئة مستقلة مكتفية بذاتها. بمعنى أن معرفة الذات تتم خارج العلاقة مع الغير و العكس صحيح (مفهوم الذات عند ديكارت). 
4)أطروحة إدموند هوسرل.
يمكن الخروج من هذا التصور المغرق في الذاتية، و الذي يعتبر معرفة الغير مستحيلة. من خلال بناء معرفة بالغير تقوم على العقل التواصلي، الإنساني و العملي بدل العقل المعرفي. و في هذا الصدد نجد هوسرل يعتبر إدراك الآخرين إدراك لذوات نفسية طبيعية، لها جسم مثل جسمي و نفس مثل نفسي، و لكن تجربتها تختلف عن تجربتي. و لا ينكشف معنى تجربة الغير لذاتي على نحو مباشر، و لكن بإمكاني الوصول إلى حقيقة ذلك المعنى بواسطة تجربة التوحد الحدسي بالغير. و هو ما يعرف "بالتوافق الباطني" حيث يصبح هو أنا و أنا هو، أي تأخذ الأنا مكانة الغير في العالم. و أبني معه عالم وعي مشترك. إن هاته التجربة يسميها هوسرل بتجربة "النحن" أو "البينذاتية" و هي بمثابة علاقة تفاعل بين ذاتين باعتبارهما وعيين يوجدان داخل مجال إدراكي مشترك و متساو، يجعل كل ذات غيرا بالنسبة للآخر
5)أطروحة موريس ميرلوبنتي.
يعتبر ميرلوبنتي أن العلاقة التشييئية للغير هي نتيجة النظر إليه من موقع "الأنا أفكر" أو "العقل". أي النشاط الذي يقوم على التجريد و التقسيم، و الحساب و الاستدلال. و يمكن تجاوز هذه النظرة عندما يدخل كل من الأنا و الغير في علاقة الاعتراف المتبادل بفردية كل واحد منهما و وعيه و حريته و إرادته. لأن العلاقة مع الغير لا يحكمها الصراع و المواجهة بل التعايش و التفهم. و يرى ميرلوبنتي أن الحوار المتبادل يكشف عن طبيعة الكائن الإنساني، و يزيل عوائق التواصل مع الغير، و يحقق ضربا من المعية الوجودية، و التعاطف و المشاركة الوجدانية بين الأنا و الغير، و بالتالي التعرف على حقيقته. إن التواصل هو انفتاح نحو الغير، هو إزالة الكلفة و الغرابة عنه، و بذلك لا يبقى غريبا منطويا على ذاته و لا متعاليا عن كل معرفة. 
5)استخلاص.
بناء على ما سبق، يمكن التأكيد على أن معرفة الغير تحمل في طياتها مفارقة و إحراجا: فمعرفة الغير تتطلب اعتباره مجرد "موضوع" أي معرفة تشييئية للذات، و هذا يصطدم بمسألة الحرية الإنسانية، مما يحول دون معرفة الغير كذات. و تواجه هذه المعرفة أيضا صعوبات بوصفها مبنية فقط على التعاطف الوجداني مع الغير. لكن في جميع الحالات تظل معرفة الغير نسبية. إلا أنها لا تختزل فقط في العلاقة المعرفية بل تتجاوزها إلى علاقات أعقد: عاطفية، أخلاقية، اقتصادية، سياسية... تتسم بطابعي التنوع و الاختلاف تبعا لتنوع أوجه الغير.

إشكالية المحور  هل العلاقة مع الغير هي علاقة تكامل أم علاقة تنافر ؟


أطروحة أرسطو  ) Aristote384 – 322 ق م(:

  يؤكد أرسطو على العلاقة الايجابية و المتمثلة في  الصداقة ، التي ينبغي أن تجمع الأنا بالغير  . إنها تلك التي ينبغي أن تقوم على الفضيلة كقيمة أخلاقية منزهة عن المنفعة أو المتعة
إن الصداقة هي حاجة ضرورية حسب أرسطو لا يمكن الاستغناء عنها تحت أي ظرف، لأنهم الملاذ و الملجأ في حالة الشدة و الضنك.

أطروحة روسو:  Jean-Jacques Rousseau    ( 28  يونيو 1712-2يوليو 1778 

انطلاقا من مقولاته المشهورة  "  الإنسان يولد خيرا و المجتمع هو الذي يفسده"
يمكن طرح السؤال معه . ما الموقف الفطري  الذي نتتخده إزاء الغير ؟ هل الإساءة  حقا أم غير دلك
يجيب روسو .  الإنسان ينفر من فعل الشر  بطبيعته ،و عندما يرى معاناة الغير  يحس بالشفقة إزاءهم  و يدافع روسو عن موقفه حيث يعتبر أن  الشفقة هي التي تدفعنا إلى انقاد أولئك الدين هم في مأساة  أو فاجعة، إننا لا نقف أمامهم مكتوفي الأيدي  بل نهب لنجدتهم بغض النظر عن أي اعتبار.
إن هذه الشفقة هي التي عوضت القوانين في حالة الطبيعة، و هي التي لم يكن احد يخرج عنها لأنها صوت الخير
إنها هي التي توحي إلى كل إنسان أن يتبع قاعدة. انه خير بطبيعته، و التي تقول " ابحث عن خيرك دون أن تؤذي الغير ما أمكن "  

أطروحة  الكسندر كوجيف A.Kojève  1902-1968   :  
           
يرى كوجيف  أن  العلاقة بين ألانا و الغير هي علاقة صراع، مادام أن العالم لا يقوم فقط على وجود بشري متساوي القيمة بل على وجود متفاضل فيه السيد و فيه العبد، إنها نزعة تحرك البشر جميعا لنزع الاعتراف و الوصول إلى مرحلة الوعي بالذات و التي لا يتوصل إليها إلا بالصراع مع الغير ، والذي لا تكون نهايته إلا بانهزام احد الطرفين المتصارعين ، ليخلق عالم فيه السيد و فيه العبد ، فيه القوي وفيه الضعيف ، فيه وجود يتمتع بالاستقلال الذاتي و وجود يرزح تحت الهزيمة و الخضوع  .
 انه عالم الصراع الأبدي الذي لا ينتهي ، والذي يفسر كل أشكال الحروب و الرغبة في السيطرة ،و البحث عن إخضاع البشر ، إنه  التفسير الهيجلي للتاريخ الذي استوحاه كوجيف  و أعاد صياغته ، لكن يبقى السؤال ألا يمكن أن تطمع الإنسانية في عالم من السلام و الحب و التعايش المشترك ؟ أم انه قدر غلى  البشر أن  يعيشوا حالة الحرب إلى ما لا نهاية ؟

أطروحة جوليا كريستيفا   Julia Kristeva  ولدت يوم  24 يونيو عام 1941:

 تحدد كريستيفا الغريب في مفهومين أساسين؛ أحدهما ذلك الذي يفيد الافتقار إلى حق المواطنة. وهذه دلالة حقوقية تحاول بها الجماعة أن تمنع انحشار الغير الغريب في شؤونها الداخلية. وهذا في اعتقادها تعريف سطحي للغريب، لأنه هو تلك القوة الخفية التي تسكننا جميعا والتي تعبر عن التناقضات والاختلافات الداخلية التي غالبا ما يتم السكوت عنها، لأن هذا الغريب " يجعل ال"نحن" إشكاليا وربما مستحيلا " إن الغريب إذن يوجد فينا " إن الغريب يسكننا على نحو غريب, فالغرابة لا توجد فقط على مستوى العلاقة مع الغير البعيد المخالف لنا عرقيا و ثقافيا و دينيا...بل هناك غربة تعيش فينا, إنها غربة داخلية جوا نية تتمثل في بنيتنا النفسية اللاشعورية, وما يوجد من اختلافات و تناقضات داخلية و تمزقات في الذات الفردية والجماعية...

 
أطروحة فرويد       Sigmund Freud(1856-1939)


يرى فرويد أن  العلاقة بين ألانا و الغير هي علاقة صراع  دائم ، فكل خبرات الحياة والتاريخ تبيِّن أن الإنسان أناني عدواني بطبع ،   فالعدوان حَكَم حياة الإنسان كجماعة في العصور البدائية حين لم يكد يكون للملْكية الخاصة وجود، والعدوان يحكم حياته كفرد وهو لا يزال في المهد وحتى قبل أن يكون مفهوم الملكية بمعناها الشرجي قد تكوَّن لديه،    وحينما طَلَب أينشـتاين من فرويد خطاباً يدعـو فيه إلى السـلام رد الأخير عليه قائلاً إن الحـرب أمـر طبيـعي تماماً، إذ أنها ترتكز على أساس بيولوجي مكين « فثمة غريزة للكراهية والتدمير تلتقي في منتصف الطريق مع تجار الحرب »

خلاصة المحور

 لا يمكن إلا أن نعدم كل موقف يسير نحو  بناء  عالم إنساني قائم على الصداقة و المحبة و الاحترام المتبادل ،و يبقى هذا مطمح تنشده الضمائر الحية ،لكن لا ينبغي غض الطرف عن الواقع السياسي و الدولي سواء في الماضي  أو حاليا حيث شهد و يشهد صراعات و حروب قائمة على نبذ و محاولة تركيع الغير بدعوى كثيرة .
 و يبقى الأمل أن تنتصر إرادة الخير و الحب و التسامح على إرادة الكراهية و العنصرية و الحقد .



الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

ملخصات لدروس ومواقف درس الشخص/ المحور الثالث



                                                الشخص بين الضرورة والحرية

الإشكال المؤطر للمحور

إدا كان الشخص في دلالته الفلسفية، هو الذات التي يمكن أن تنسب إليها مسؤولية 

أفعاله، فهذا يعني أن الشخص حر في اختيار أفعاله وأنه يتحمل كامل المسؤولية في 

تحمل هذا الاختيار، وإدا كان الأمر كذلك فهل يعني هذا أن له القدرة المطلقة على 

هذا الاختيار الحر، أم أنه بحكم الضرورات البيولوجية منها والنفسية والاجتماعية، التي 

تشرط وجوده وتحدد هويته تجعله يعمل وفق ما تمليه تلك الإشراطات والضرورات؟

إدا كانت هوية الشخص هي هوية مركبة مما خارج إرادة الشخص، أي من ضرورات 

طبيعية بيولوجية وأدوار وتنضيمات اجتماعية ثقافية، وأيض من عناصر باطنية في 

الذات ، من وعي وإرادة ومسؤولية أخلاقية فهذا يعني أنه لا وجود لحرية مطلقة ولا 

لضرورة وحتمية مطلقة. لدى يصبح حديث كل من الفلاسفة الرواقيين والفيلسوف 

اسبينوزا عن ضرورة طبيعة أو بشرية تحكم حياة الأشخاص، أمر فيه نظر، على الرغم 

من ذهاب مجموعة من المدارس النفسية والاجتماعية إلى الاقرار بخضوع شخصية 

الأفراد لحتمية بيولوجية نفسية واجتماعية ثقافية.

كما أن حديث ديكارت وكانط عن وجود حرية مطلقة ، يبدو مخالفا لما تحتضن 

الشخص من ضرورات بيولوجية منها أو اجتماعية ، تجعل تصرفاته محكومة بهذه 

الضرورات. لكن لا يعني هذا خضوع الشخص المطلق لهذه الضرورات ، فالشخص بما 

يملكه من تفكير قادر على الوعي بهذه الحتميات، والتعامل معها لا كمجرد منفعل 

وإنما كفاعلية وإرادة ومسؤولية، تتجاوز هذه الحتميات ، لكن التجاوز النسبي.




الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

ملخصات لدروس الشخص تانية باك/ المحور الثاني

الشخص بوصفه قيمة

الإشكال المؤطر للمحور

إذا كانت القيمة هي الميزة الخاصة بشئ أو بسلوك إنساني مرغوب فيه،وإدا كان 

كل شخص يدرك نفسه بوصفه أنا ،فمن الذي يمنح هذه الأنا قيمة؟

موقف تركيبي لمواقف الفلاسفة بمحور الشخص بوصفه قيمة

يعتبر الشخص ذات واعية مفكرة، تتمتع بالوعي والإرادة، والقدرة على تحمل مسؤولية 

أفعالها أخلاقيا وقانوني، وهذه الصفات التي تشكل جوهر الشخص أو الأنا ليست ثابتة 

أو معطاة بشكل جاهز في الذات، وإنما هي مبنية بفعل تفاعل هذه الذات مع محيطها 

الخارجي، ومتجددة باستمرار بفعل تجدد وعيها بنفسهاوبمحيطها الخارجي،كما أن 

الشخص ليس ذاتا منغلقة على نفسها ، وإنما هو انفتاح على الآخرين ، الذين هم أيضا 

أشخاص، وليسوا موضوعات أو كائنات تحجر نظراتهم الذات وتجعلها شيئا من الأشياء ، 

وهم أيضا ليسوا جحيما كما قال بذلك سارتر ، إن الآخر أو الغير هو هذا الأنا الذي 

يمكن الإطمئنان إليه ولنظراته.هو الأنا الذي ينبغي أن نقيم معه علاقة تعاون واحترام، 

لأنه ليس وسيلة أو سلعة قابلة للتقويم أو التسعير.بل غاية في ذاته كما قال كانط 

يفرض احترامن وتقديرنا له ، وهذا الاحترام لا يجب ان يقف عند حدود الأشخاص، بل 

يجب أن يشمل الحيوان والبيئة، ولا غرابة في الأمر مادام الكل يعي المخاطر التي 

أصبحت تهدد حياته وهويته كإنسان، عندما عامل البيئة والإنسان كوسائل لتحقيق 

حاجاته الخاصة، وليس كغايات في ذاتها.

تواصل مباشرة مع أحد أكبر وأهم أساتذة الفكر الفلسفي بالمغرب


ملخصات نصوص ومواقف درس الشخص /المحور الأول


                                     

                                                                      الشخص والهوية

الإشكال المؤطر للمحور

إدا كانت الهوية هي حقيقة المشتملة على صفاته الجوهرية، وإداكان كل شخص 

يدرك نفسه بوصفه أنا،فكيف تتحدد حقيقة هده الأنا،أي هويتها؟ هل بالرجوع إللى 

المظهر الخارجي للشخص، المثمثل في الجسد وتركيبته البيولوجية،أو إلى القناع الدي 

يتبدى به كل شخص لذاته وللأخرين،أو إلى الأدوار الإجتماعية التي ينهض بها داخل 

المجتمع؟

المواقف الفلسفية المحددة  لهوية الشخص:

الموقف العقلاني:

يمثله على الخصوص الفيلسوف الفرنسي "رينيه ديكارت" رائد الكوجيتو" .حيث يرىديكارت بأن je pense ,donc je suis "،أنا أفكر إدن أنا موجود العقل جوهر 

ثابت وهو قسمة عادلة بين الناس، وهو متميز عن البدن بكونه تابت لا يمكن له التغير 

تحث أي ظرف من الظروف, مؤكدا هوية الشخص تتحدد في امتلاكه للعقل.

الموقف الشعوري:  

وهو موقف يدافع عنه رائد النزعة التجريبية "جون لوك" الدي يؤكد بأن ما يحدد 

هوية الشخص،هو كونه كائن عاقل قادر على التعقل والتأمل، وعلى العودة إلى ذاته 

بواسطة الشعور،أي الذاكرة المرتبطة بالفكر، والتي تظل تابثة في الشخص مند 

الولادة،حثى لحظة الوفاة.

التصور الإرادي:

يدافع عن هذا التصور رائد الفكر الألماني آرتور شوبنهاور، الدي ينفي تصور 

شوبنهاور المؤمن بأن الشعور الدي يعني الذاكرة المترابطة هو ما يحدد هوية 

الشخص،ذلك أنه إذا كنا نثحدث عن الهوية بوصفها تابثة،فإنه لا يمكن اعتبار الشعور 

ثابث.وذلك لقابلية تغيره لعدة أسباب أبرزها: النسيان-تعرض لحادتة-الجنون-تقدم 

في السن...معتبرا بأن الإرادة هي التي تبقى تابتة في الشخص منذ الولادة حتى لحظة 

الوفاة، وحتى في حالة فقدان المرء لذاكرته.

التصور الأخلاقي:

يمثله على الخصوص الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانط" حيث يرى بأنه إدا كان العقل 

قد سمى بالكائن الإنساني عن جميع المخلوقات، وميزه عنها، فإن ما يحدد هوية هدا 

الكائن هو امتلاكه للبعد الأخلاقي وليس للعقل فقط،لأن هذا الأخير لا يمنح الكائن 

الإنسان إلا قيمة نفعية تجعلنا نسعره وكأنه بضاعة من بين البضائع المعروضة للملأ.

للحصول على موضوع متكامل وإنشاء فلسفي حول كيفية تحديد هوية الشخص، يكفي الإتصال المباشر بفريق الدعم المكون من أساتذة متميزين متأهبين لخدمتك.     

نــشــأة الـــفـــلـــســـفـــة




 

  نــشــأة الــــــفــــلــســــفـــــة :
    
إدا كانت اليونان القديمة هي مكان وزمان ميلاد الفلسفة، كنمط من التفكير 

العقلاني المنطقي، فإن هده النشأة لم تكن  وليدة الصدفة، بل كان من ورائها عوامل 

متعددة، متداخلة ومتكاملة فيما بينها، أبرزها عامل الحرية ، وعن الحرية تحدث 

الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه فقال" إن وجود الفلسفة مرتبط 

بوجود الحرية، والوعي بأهميتها، فالشعب الدي تبدأ الفلسفة عنده، يجب أن 

تكون الحرية مبدأ " والحرية لا تسود مجتمعا إلا بسيادة الديموقراطية عنده، كنظام 

سياسي واجتماعي,

ففي القرن السادس قبل الميلاد، توفر للأمة اليونانية هدا العنصر، فكان بدلك أحد 

الشروط الأساسية لنشأة الفلسفة، وكان دلك إعلانا بميلاد مجتمع جديد ، متحرر من 

هيمنة الأسطورة والأنظمة الإستبدادية ، منفتح على ثقافة العقل والمنطق ، والتي كان 

لعلم الرياضيات – الدي ظهر مع طاليس- الدور الريادي في هدا المجال، حيث أمد 

الفلسفة بالآليات الضرورية للبرهنة العقلية,فانشار الحرية والوعي إدن، على المسوى 

السياسي والاجتماعي والثقافي بشكل عام، كان له الأثر الفعال في خلق تربة خصبة 

لنشوء فكر فلسفي يقوم على الاقناع العقلي والمحاجة.

كما أنه لميلاد الفلسفة مكان جغرافي محدد، وهو اليونان. وزمان معين يتأطر ما بين 

القرن السابع والسادس قبل الميلاد.

أسباب وعوامل النشأة:

العامل الاجتماعي:

لقد كان للتقسيم الطبقي الدي عرفه المجتمع اليوناني، الأسياد من جهة والعبيد من 

جهة، وتقسيم العمل إلى واحد فكري خاص بالأسياد والآخر يدوي خاص بالعبيد، أحد 

العوامل المساعدة لظهور التفكير الفلسفي، لدى طبقة الأسياد التي اختصت بالعمل 

الفكري.

العامل الإقتصادي:

ازدهار التجارة في أغلب المدن اليونانية، وعلى رأسها مهد الحكمة والتفكيرالعقلاني 

في الكون" ملطية" التي أصبجت في القرن 5 ق.م مركز إشعاع ثقافي فلسفي.

العامل الثقافي:

ظهور خطاب جديد يقوم على الحوار والاقناع العقلي، منظم ومنسجم، في مقابل خطاب 

شفوي سردي للقصص والحكايات{ الأسطورة}.


العامل السياسي:

ظهور نظام سياسي يقوم على دمقرطة الحياة السياسية، بحيث لم تعد السلطة والسياسة 

حكرا على شخص معين أو أقلية محدودة ، بل أمرا مشاعا بين عامة الناس.


مــــحـــطـــات من تــاريــــخ الــفــــلــــســـفــــة




محطات تطور تاريخ الفلسفة:



  بداية يمكن القول بأن تاريخ الفلسفة ينقسم إلى أربع محطات كبرى، لكل مرحلة منها

ارهاصاتها الخاصة، واهتماماتها التي تأترت فيها بالعوامل الاجتماعية التي كان يحياها عصرها.

   أولا: مرحلة اليونان القديمة:

إن  كل محاولة للإمساك بالدلالة الإصطلاحية لمفهوم الفلسفة تقحمنا في صلب الممارسات 

الفلسفية، خاصة حينما نعلم انه يصعب القول في هدا المجال، بوجود تعريف موحد 

وشامل للفلسفة، تنصهر فيه كل التعاريف المتنوعة التي عرفها تاريخ الفلسفة، فإدا 

حاولنا القيام يتتبع تاريخي لهده التعاريف، سنجد أنفسنا وجها لوجه أمام فكر فيلسوف 

بخصوصياته الثقافية والتاريخية، بنمط خاص من التفكير والتعبير والممارسة الفلسفية، 

فتعرف الفلسفة في كونها محبة الحكمة لداتها بعيدا عن كل منفعة مادية ، وهو 

تعريف له مبرراته الثقافية اليونانية، حيث كان ينظر باحتقار إلى كل عمل يروم تحقيق 

منفعة مادية، بل وإلى كل ما له علاقة بالتجربة المادية، والاهتمام بالفلسفة كمحبة 

للحكمة عمل راق، من اختصاص طبقة الأسياد. أما العمل اليدوي فهو من اختصاص 

طبقةالعبيد، الدي يهدف عملها إلى تحقيق وتلبية متطلبات الحياة المادية، فلا عجب 

وجدنا جل الفلاسفة اليونان، يدهبون منحى فيتاغورس في احتقارهم للعمل اليدوي، 

واهتمامهم بكل معرفة نظرية مجردة، وعلى رأسها الفلسفة، فالفلسفة عند اليونان 

كانت على العموم تعني " البحث عن الحقيقة والتماسها لداتها، بعيدا عن كل منفعة 

مادية: مادية كانت او معنوية، وفي هدا الصدد يؤخد عن فيتاغورس القولة التالية

إن حياة الناس تبقى أشبه ما يكون بهده التجمعات الكبيرة التي يلتئم شملها بمناسبة 

الألعاب العمومية في اليونان، حيث يحضرها آخرون للحصول على أكاليل المجد، في 

حين ان طائفة منهم تحضر هده التجمعات لمجرد المشاهدة، وهكدا فالناس الدين جاؤا 

إلى هدا العالم، يبحث بعضهم عن المجد، ويبحث فريق آخر منهم عن المنافع المادية، 

في حين أن طائفة قليلة منهم ، تنصرف إلى التأمل وإلى دراسة طبيعة الأشياء: وهؤلاء 

هم الفلاسفةالفلسفة بهدا المعنى هي النظر التأملي  إلى العالم، والحكمة هي معرفة 

الحقيقة، والفيلسوف هو من يفكر ويتأمل بعمق، قصد اكتشاف الحقيقة والإهتداء إليها. 

وعلى العموم فإن المبحث الأساسي الدي كان يشغل بال الفلاسفة اليونان هو التساءل 

عن حقيقة أو مصدر الوجود.


ثانيا: مرحلة العصور الوسطى:


اكتست الفلسفة في هدا العصر طابعا دينيا، سواء في أوروبا أو في العالم العربي 

الإسلامي، ودلك لما للدين المسيحي منه أو الإسلامي من تأتير كبير على نفوس الناس 

في هده الفترة التاريخية، ولقد لخص لنا الفيلسوف العربي المسلم ابن باجة في كتابه 

 الفصل في الملل والنحل" دلالة الفلسفة كما تداولها المسلمون ، حيث قال " الفلسفة 

على حقيقتها إنما معناها وثمرتها ، والغرض المقصود منها ، ليس شيئا غير 

إصلاح النفس ، بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤدية  إلى 

سلامتها في المعاد، وحسن سياستها للمنزل والرعية، وهدا نفسه لا غيره ، هو 

الغرض من الشريعة، هدا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء بالفلسفة، ولا 

بين أكحد من العلماء بالشريعة" وهدا يعني في ثقافتنا الإسلامية أنه لا خلاف بين 

الفلسفة والدين، وهدا ما حاول فيلسوف قرطبة أبو الوليد ابن رشد أن ينوه إليه 

بوضوح في مؤلف له بعنوان" فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من 

اتصال" فقد تقدم في الفلسفة بتعريف له " إن الفلسفة ليست شيئا أكثر من النظر 

في الموجودات، واعتبارها من جهة دلالاتها على الصانع.... ومن هنا فإدا 

أثبثنا بأن الشرع حث على النظر في الموجودات النظر إليها بالعقل، أمكننا 

أن نستنتج من دلك أن النظر الفلسفي مأمور به في الشرع..." وقد ساق ابن 

رشد مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة لإثبات دلك، من بينها قوله تعالى" فاعتبروا 

يا أولي الأبصار " وهي إشارة واضحة إلى وجوب استعمال التأمل العقلي.

لنجمل القول ونختمه على أن انشغال الفلاسفة في العصر الوسيط كان ينصب على 

إشكالية التوفيق بين العقل والفلسفة ، بمعنى إمكانية اشتراكهما في الهدف الديني 

نفسه - وهو تأكيد ما جاءت به لا الديانة الاسلامية أو المسيحية على السواء- أم أنها- 

الفلسفة- إلحاد وخروج عن الملة والدين. من هنا كان الطابع الديني هو المهيمن على 

الاهتمام الفلسفي في العصور الوسطى ، ليس فقط في المجتمع العربي الاسلامي فقط، بل 

وفي المجمتع المسيحي الغربي أيضا. 


ثالثا: مرحلة العصور الحديثة:

  لقد عرف مفهوم الفلسفة تطورا كبيرا في العصور الحديثة، بحكم التغير الدي عرفته 

المعطيات التاريخية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، والدي منح عصر 

أوروبيا نهضويا حديثا (ق 15 و16 م.) بلور معه تجربة فلسفية جديدة، عملت على 

إعادة تأسيس العقل البشريمع الفيلسوف الفرنسي ديكارت بشكه النهجي وبتأملاته 

عن الكوجيتو" أنا أفكر إدن أنا موجود" وبقواعده المنهجية، ونفس الشئ نجده لدى 

الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون الدي اتجه إلى البحث عن منهج جديد للبحث 

عن المعرفي والحقيقة، منهج يناسب انطلاقة العلوم الحديثة كالفزياء مع العالم الإيطالي 

غاليلي  ، وعلم الفلك مع العالم البولوني كوبرنيك، فأصبحت الفلسفة في 

عصر النهضة أداة لخدمة الإنسان، ومعرفة مفيدة في الحياة تجعلنا قادرين على تملك 

الطبيعة وتسخيرها لخدمة البشرية.لتكون مرحلة العصر الحديث، مرحلة مهمة في إغناء 

سجل الفكر الفلسفي. فإدا كان الفلاسفة اليونانيون في المحطة اليونانية قد اهتموا 

وتساءلوا عن مصدر هدا الوجود، أي هل هو من صنع خالق، أم أنه نتيجة تطورية لتغير 

مادة معينة( كالماء عند طاليس)،وإدا كانت المحطة الوسطى تسعى إلى التوفيق بين 

الفلسفة والدين،باعتبار ان الفلسفة تتم الدين ولا تعارضه، فإن محطة الفكر الحديث أو 

ما يسمى بعصر النهضة، شهدت تطورا كبيرا على مستوى العلوم الطبيعية، فأخرجت 

الناس بدلك من سلطة السحر واللاهوت، وجعلت منهم أكثر موضوعية، وأكثر سعيا 

للبحث عن الحقيقة أين تكمن. إلا أن الفلاسفة هنا وككل مرة اختلفوا وتوزعوا بين 

مؤيد ومعارض للمصدر أو الطريقة والوسيلة التي تصلنا من خلالها المعرفة الحقيقية، 

فنجد في هدا الباب أب الفلسفة الحديثة ديكارت الدي يؤكد بأن  الحقيقة مصدرها 

العقل، وان أي معرفة لا تنبني على العقل ا يمكن الإيمان بأنها معرفة حقيقية مطلقة، 

وفي المقابل نجد تصور النزعة التجريبية مع روادها جون لوك ودافيد هيوم، التي 

تؤكد بأن اي حقيقة أو معرفة لا تستند إلى التجربية فهي معرفة وهمية خيالية 

أسطورية لا يمكن للعقل المنفتح والمتفتح أن يسلم بصدقها. وأما م هدين التصورين 

ظهر تصور ثالث، وهو تصور رائد النزعة النقدية إيمانويل كانط الدي أكد أن 

المعرفة أساسها العقل والحواس التجريبية، وأن قيامها على واحدة منهما فقط يدل على 

أنها عرجاء أو عمياء.


المرحلة المعاصرة :

مع مطلع القرن العشرين، ومع تأثير التطور العلمي والنتائج التي أحرزها بفضل تركيزه 

على الناحية العلمية، وتجنب الخوض في المسائل التي لا طائل منها، وبفعل الحروب 

والتورات والأزمات التي كانت لها أبعاد عالمية شمولية في تأثيرها، اتجه الفلاسفة 

المعاصرون غلى إعطاء الفلسفة مهمة ومعنى جديدا ينأى بها عن دلك المعنى الدي 

عرفت به في اليونان  القديمة  محبة الحكمةلتصبح دات دلالة مادية نفعية مع الفلاسفة 

البرغماتيين ، مرتبطة بالوجود الإنساني الواقعي المشخص، مع الفلاسفة الوجوديين 

أمثال وليم جيمس الدي يرى بأن الفلسفة هي البحث في الطرق التي تؤدي بنا إلى 

النجاح في الحياة، وإلى تحقيق أغراضنا في دنيا الواقع أي تحقيق المنفعة، فالفكرة 

لدى فلاسفة القرن العشرين مهما كانت طبيعتها ، فهي لا تكتسي طابع الصحة أو 

الصدق إلا حققت منفعة مادية، والفلسفة الصحيحة هي التي تسير في هدا الاتجاه،ولازال 

في الجعبة الكثير.

للمزيد من المعلومات حول هدا الموضوع أو غيره يرجى الاتصال بفريق العمل والدعم.